قال سيدي ابن عجيبة قدس الله سره :
والناس في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه
وسلم على ثلاثة أقسام: قسم يصلون على صورته البشرية, وهم أهل الدليل والبرهان, فهم
يشخصونها في قلوبهم في حال الصلاة عليه, فإذا أكثروا من الصلاة بالحضور ثبتت
الصورة الكريمة في قلوبهم, فيرونه في المنام كثيراً, وربما تتشكل روحه الكريمة على
صورة جسده الطيب, فيرونه يقظة.
وقسم يصلون على روحه النورانية, وهم أهل الشهود
من السائرين, فهم يصلون على نوره الفائض من الجبروت, فيشاهدونه في غالب أوقاتهم
على قدر حضورهم وشهودهم.
وقسم يصلون على نوره الأصلي, الذي هو نور
الأنوار, وهم أهل الرسوخ والتمكين من أهل الشهود والعيان, وهؤلاء لا يغيب عنهم
النبي صلى الله تعالى طرفة عين, ولذلك قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه:
(لو غاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما أعددت نفسي من المسلمين)
إشارة إلى رسوخه وتمكنه في الحضرة, ورجوعه إلى البقاء بشهود الواسطة, وهؤلاء
أفكارهم تجول في الملكوت, وأرواحهم متصلة بالجبروت, فقد اجتمع فيهم ما افترق في
غيرهم, كما قال عليه الصلاة والسلام: (كل الصيد في جوف الفرا) و(الفرا) هو حمار
الوحش, وهو أسمن الصيد, فمن ظفر به فكأنما ظفر بالصيد كله, وكما قال الشاعر:
وليس على الله بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق