ويقول : « المحبة : ارتياح الذات لمشاهدة الصفات ، أو
مشاهدة أسرار الصفات ، فيرى بلوغ السؤل ولو بمشاهدة الرسول ، ولهذا كان أصحاب رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أزعجهم
الشوق واشتدت بهم لواعج المحبة قصدوه صلّى الله
عليه وسلّم ، واستشفوا بمشاهدته ، وتلذذوا بالجلوس معه ، والنظر إليه ،
والتبرك به ».
يقول القاضي عياض قدّس الله
سرّه:
« المحبة ثلاثة أقسام :
محبة جلال وإعظام ، كمحبة الوالد .
ومحبة شفقة ورحمة ، كمحبة الولد .
ومحبة مشاكلة واستحسان ، كمحبة سائر الناس .
فجمع صلّى الله عليه وسلّم أصناف المحبة في محبته » .
يقول الشيخ شهاب الدين أحمد القسطلاني رحمه الله :
« قال تعالى : (قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبّونَ اللَّهَ فاتَّبِعوني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) ، فجعل تعالى متابعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم آية محبة العبد ربه ، وجعل جزاء العبد حسب
متابعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم محبة الله تعالى إياه ، وهذه المحبة تنشأ من
مطالعة العبد منة الله عليه من نعمه الظاهرة والباطنة ، فبقدر مطالعة ذلك تكون قوة
المحبة ، ومن أعظم مطالعة الله على عبده منة تأهله لمحبته ومعرفته ومتابعة حبيبه صلّى
الله عليه وسلّم ، وأصل هذا نور
يقذفه الله تعالى في قلب ذلك العبد ، فإذا أدار ذلك النور أشرقت له ذاته فرأى في
نفسه وما أهلت له من الكمالات والمحاسن فعلت به همته وقويت عزيمته . وبحسب هذا
الاتباع توجب المحبة والمحبوبية معاً ولا يتم الأمر إلا بهما . فليس الشأن أن تحب
الله ، بل الشأن أن يحبك الله ، ولا يحبك إلا إذا اتبعت حبيبه ظاهراً وباطناً ،
وصدقته خبراً ، وأطعته أمراً ، وأجبته دعوة ، وآثرته طوعاً ، وفنيت عن حكم غيره
بحكمه ، وعن محبة غيره من الخلق ، وعن طاعة غيره بطاعته ، وإن لم تكن كذلك فلا
تتعن فلست على شيء ، وتأمل قوله تعالى : ( فاتَّبِعوني
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) ، أي : الشأن في أن الله تعالى يحبكم لا في أنكم تحبونه ، وهذا لا
ينالونه إلا باتباع الحبيب ».
يقول الشيخ عبد الغني النّابلسي قدّس الله سرّه :
« كل محبة هي محبة له صلّى الله عليه وسلّم في تعيناته الروحانية والجسمانية على التخييل والتمثيل
».
يقول الشيخ حسين الدوسري قدّس الله سرّه ::
« إن الفناء في النبي صلّى الله عليه وسلّم موجوب ، للولوج في حضرة القدس ، ومحبة
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرض
على كل مؤمن ... ويكفيك قوله تعالى : (النَّبِيُّ
أولى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)
فمن هو أولى بك من نفسك ، فكيف لا ينبغي أن يكون أحب إليك منها ؟ !
».
ويقول الشيخ يوسف النبهاني قدّس الله سرّه :
« إذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفاً
فانياً منقطعاً ، أو استنقذه من مهلكة أو مضرة لا تدوم ، فما بالك بمن منحه منحاً
لا تبيد ولا تزول ، ووقاه من العذاب الأليم ما لا يفنى ولا يحول .
وإذا كان المرء يحب غيره على ما فيه من صور جميلة وسيرة حميدة ،
فكيف بهذا النبي الكريم والرسول العظيم صلّى الله عليه وسلّم الجامع لمحاسن الأخلاق والتكريم ، المانح
لنا جوامع المكارم والفضل العميم ... فاستحق أن يكون حظه من محبتنا له أوفى وأزكى
من محبتنا لأنفسنا وأولادنا وأهلينا وأموالنا والناس أجمعين ، بل لو كان في منبت
كل شعرة منا محبة تامة له صلّى الله عليه وسلّم لكان
ذلك بعض ما يستحقه علينا »
.
يقول الشيخ شهاب الدين القسطلاني رحمه الله :
« لا يمكن أن يجمع في القلب حبان ، فإن المحبة الصادقة تقتضي توحيد
المحبوب ، فليتخير المرء لنفسه محبوباً كائناً ما كان ، كما قيل :
أنتَ القتيلُ بأي مَنْ أحببتهُ فاختر لنفسكَ في الهوى مَنْ تصطفي
فيجب علينا أن لا نختار حبيباً غير المصطفى صلّى
الله عليه وسلّم ، بل نقدمه في
المحبة على الأنفس والآباء والأبناء ، إذ لا يتم الإيمان إلا بها ، لأن محبته عين
محبة الله ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق