الثلاثاء، 21 يناير 2014

*** مراتب المتابعة للحبيب صلى الله عليه وسلّم ***

ويقول الشيخ أحمد السرهندي قدّس الله سرّه::
« إن لمتابعة النبي صلى الله عليه وسلّم التي هي رأس كل سعادة دينية ودنيوية درجات ومراتب :
الدرجة الأولى : لعوام أهل الإسلام : من إتيان الأحكام الشرعية ، ومتابعة السنة السنية بعد تصديق القلب وقبل اطمئنان النفس الذي هو مربوط بدرجة الولاية . وعلماء الظاهر والعباد والزهاد والذين لم تبلغ معاملتهم مرتبة اطمئنان النفس كلهم شركاء في هذه الدرجة من المتابعة ، وكلهم متساوية الأقدام في صورة الاتباع ، وحيث أن النفس لم تتخلص في هذا المقام من كفره وإنكاره لا جرم تكون هذه الدرجة مخصوصة بصورة المتابعة ، وصورة المتابعة هذه كحقيقة المتابعة موجبة للفلاح ونجاة الآخرة ومنجية من عذاب النار ، ومبشرة بدخول الجنة ، ومن كمال كرمه I لم يعتبر إنكار النفس بل اكتفى بتصديق القلب وجعل النجاة مربوطة بذلك التصديق .
الدرجة الثانية من المتابعة : اتباع أقواله وأعماله صلى الله عليه وسلّم التي تتعلق بالباطن : من تهذيب الأخلاق ، ورفع رذائل الصفات ، وإزالة الأمراض الباطنية والعلل والمعنوية مما يتعلق بمقام  الطريقة ، وهذه الدرجة من الاتباع مخصوصة بأرباب السلوك الذين يقطعون بوادي السير  إلى الله ومفاوزه ، آخذين طريقة الصوفية من شيخ مقتدي .
الدرجة الثالثة من المتابعة : اتباع أحواله وأذواقه ومواجيده صلى الله عليه وسلّم التي تتعلق بمقام الولاية الخاصة ، وهذه الدرجة مخصوصة بأرباب الولاية سواء كان مجذوباً سالكاً أوسالكاً مجذوباً ، فإذا انتهت مرتبة الولاية إلى آخرها فقد صارت النفس مطمئنة وامتنعت من المعاندة والطغيان وانتقلت من الإنكار إلى الإقرار ، ومن الكفر إلى الإسلام ...
والدرجة الرابعة من المتابعة : وكانت في الدرجة الأولى صورة هذه المتابعة وهنا حقيقة الاتباع ، وهذه الدرجة الرابعة من الاتباع مخصوصة بالعلماء الراسخين ، شكر الله تعالى سعيهم ، فإنهم يتحققون بدولة المتابعة بعد اطمئنان النفس وإن حصل نحو من اطمئنان النفس للأولياء ( قدس الله تعالى أسرارهم ) بعد تمكين القلب ، ولكن كمال الاطمئنان يحصل للنفس في تحصيل كمالات النبوة التي للعلماء منها نصيب بطريق الوراثة ، فيكون العلماء الراسخون متحققين بحقيقة الشريعة التي هي حقيقة الاتباع بواسطة كمال اطمئنان النفس ، وحيث فقد هذا الكمال في غيرهم يتلبسون احياناً بصورة الشريعة ، وآونة يتحققون بحقيقة الشريعة...
والدرجة الخامسة من المتابعة : اتباع كمالاته صلى الله عليه وسلّم ولا مدخل للعلم والعمل في حصول تلك الكمالات ، بل حصولها مربوط بمحض فضل الحق وإحسانه جل جلاله ، وهذه الدرجة عالية جداً لا مساس للدرجات السابقة بها ، وهذه الكمالات مخصوصة بالأنبياء أولي العزم بالأصالة ويشرف بها بالتبعية والوراثة كل من أريد له ذلك .
الدرجة السادسة من المتابعة : اتباعه صلى الله عليه وسلّم في كمال مخصوص بمقام محبوبيته صلى الله عليه وسلّم ، وكما أن إفاضة الكمالات في الدرجة الخامسة كانت بمجرد الفضل والإحسان ، كذلك في الدرجة السادسة إفاضة كمالاتها بمجرد المحبة التي فوق التفضل والإحسان ، ومن هذه الدرجة أيضاً نصيب لأقل قليل . وهذه الدرجات الخمس من درجات المتابعة غير الدرجة الأولى وكلها تتعلق بمقامات العروج وحصولها مربوط بالصعود .

الدرجة السابعة : متابعة تتعلق بالنـزول والهبوط ، وهذه الدرجة جامعة لجميع الدرجات السابقة ، فإن في هذا الموطن ، يعني : موطن النـزول ، تصديق القلب وتمكينه ، واطمئنان النفس ، واعتدال أجزاء القالب لامتناعها وانتهائها عن الطغيان والعناد ، وكأن الدرجات السابقة كانت أجزاء هذه المتابعة ، وهذه الدرجة كالكل لتلك الأجزاء . ويحصل للتابع في هذا المقام شباهة بالمتبوع على نهج كأنه قد ارتفع اسم التبعية من البين ، وزال امتياز التابع والمتبوع وبتوهم أن التابع كلما يأخذه من الأصل كالمتبوع وكأن كليهما يشربان من عين واحد » .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 

تعديل

تعديل

تعديل

تعديل