الأربعاء، 22 يناير 2014

** العروج بالصّلاة والسلام **

قال الإمام الساحلي في «بغية السالك:
إن من أعظم الثمرات، وأجل الفوائد المكتسبات بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم انطباع صورته الكريمة في النفس انطباعًا ثابتًا متأصلاً متصلاً، وذلك بالمداومة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله بإخلاص القصد، وتحصيل الشروط والآداب، وتدبر المعاني حتى يتمكن حبه من الباطن تمكنًا صادقًا خالصًا يصل بين نفس الذاكر ونفس النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤلف بينهما في محل القرب والصفاء تأليفًا بحسب تمكن حبه من النفس، فالمرء مع من أحب، والحب يوجب الاتباع للمحبوب، والاتباع يؤذن بالوصال، قال الله عز وجل: (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا) «والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
فإذا تمكن حب النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله في النفس لم تغب صورته الكريمة عن عين البصيرة لمحة، وهي الرؤية الحقيقية؛ لأن رؤية البصر إنما هي لتأدية حقيقة المبصر إلى عين البصيرة، فيحصل عند البصير الاطلاع على حقيقة ما أداه إليها البصر من المبصرات.

ولا شكَّ أن الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه، وعلى آله وسلم إذا خلص شربها سطعت أنوارها في الباطن فصارت النفس مرآة لصورته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم, ولا يتغيب عنها، وهو العلم الحقيقي الذي لا شكَّ فيه، وما قرب الذي بعد عن العلم تطرق الظنون، وفرق بين من يرى عن بصره وبين من يرى عن بصيرته، ومع ذلك فرؤية البصر ربما اختلتها الأوهام، ورؤية البصيرة الصائبة لا وهم فيها ولا خيال؛ فافهم هذه الإشارة، انتهى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 

تعديل

تعديل

تعديل

تعديل