الثلاثاء، 21 يناير 2014

*** سفينة التّعلّق للسيد محمّد الشّريف الحسني ***

مقام الحب
الحبُّ هاؤُمْ ياذَوي الأسمارِ   = حيَّ على الأنوارِ والأسرارِ
هيّا إلى الألطافِ والسّعادَهْ =  هيّا إلى سُلافةِ العبادَهْ
بَداري يا مُراودي الجمالِ  = فالحسنُ تحتَ وَطأةِ النّعالِ
هَلمُّوا إنّ الأنسَ بالأنوارِ =  والتّعسُ مَضروبٌ على الأغيارِ
حيّ على مَنابعِ الأنفاحِ =  حيثُ تَفوحُ زَهرةُ الأرواحِ
فهاهنا مَناهلُ الوجدانِ=  مواردٌ تَطفَحُ بالإحسانِ
تُرَوِّي الوَلهانَ مِن الصُّدودِ  =بِفيضةِ اليقينِ والشُّهودِ
خمرُ الصّفاءِ مِن مَعينِ العَينِ =   طهارةٌ مِن غَمراتِ البَينِ
بِقطرةٍ تَنفتِقُ السّرائِرْ   = ويُشرقُ الغيبُ على البصائِرْ
فتَتَجلّى الفطرةُ القديمَهْ  = وتَتَسوّى ذاتُكَ القوِيمَهْ
W W
كذلكم نَحنُ ياللّطافَهْ   =  إيّاكم يا أجناسِي والجَلافَهْ
ما ضِمْنَكُم رقائقٌ أصيلَهْ   = هِمَّتُها لاتَرضى بالرّذيلَهْ
فالرُّوحُ ذاتُ الحُللِ السّنيّهْ = لا تَرتضي العلائقُ الدّنيّه
والقلبُ ذُو القربِ والاستواءِ   =لايَرضى بالمُجونِ والأهواءِ
والنَّفسُ ذاتُ السّمتِ والأخلاقِ = لاتَرتضي سفاسفَ الأذواقِ
واللّبُّ ذو الإدراكِ والنّباهَهْ = لا يَرضى أن يَهُومَ بالسّفاهَهْ
والذّاتُ ذاتُ الصَّنْعةِ القوِيمَهْ=  لا تَرتَضي المواردَ السّقيمَهْ
والأَلسُنُ الذّواكـرُ القِدِّيسَهْ =  لاتَرضى بالمغازِلِ البَخِيسَهْ
أجَلْ فحُبُّنا له هِدايهْ = وصَدُّنا عن ذاتِهِ غِوايَهْ
وِدادُنا تَحصيلُ حاصِلٍ لَهُ =  فَرَبُّهُ مِن أزَلٍ كَمَّلَهُ
وذِكرُهُ ما هُوَ إلّا نُورُ  = ومَدْحُنا له لنَا حُضُورُ
فما ادّلى إلّا ليدّني بنا  =فهُوَ في المُنتهى بابُ رَبِّنا
فمَن تعلّقَ بهِ تَحقَّقْ  = ومَن جَفاهُ وأبَى تَزَندَقْ
فاسْتَسقُوا مِن خمرتِهِ زُلالَا = فعِشقُهُ الفتحُ وإلا لَا لَا
W W
حبُّ الحبيبِ مَركزُ العِنايَهْ =  ولا يَفِيضُ إلّا بالهِدايَهْ
حبُّ الحبيبِ نُقطةُ القرآنِ = مَشربُهُ يُحيطُ بالأديانِ
حبُّ الحبيبِ طاقةُ الإيمانِ =  يُشَحِّذُ القُلوبَ بالإحسانِ
حبُّ الحبيبِ مَوردُ العِرفانِ=   يُؤهلُ الأرواحِ للعيانِ
حبُّ الحبيبِ خمرةُ اليقينِ=  يُؤزرُ الأسرارَ بالتّمكينِ
حب الحبيب رفرفُ المعارجْ = يَكفيكَ مِن تَكبُّدِ المدارجْ
حبّ الحبيب البدءُ والنِّهايا = وهل لنا بعدَ الحبيبِ غايا
W W
ناهيكُمَ اَنَّ الحضرةَ الأنيّهْ = غنيّةٌ بالصّلَةِ العَينيَّهْ
كَفتهُ أمُّ القُدسِ بالحنانِ =  بما له في الهُوتِ مِن قُربانِ
إبانَ طورِ السَّحَرِ الأحداني =  قبلَ بُزوغِ القمَرِ الوَحداني
فباتَ لايَحتاجُ للزيّادَهْ  = لكنَّ حبَّنا له عِبادَهْ
أوَ تَرَونَهُ لنا يَحتاجُ  = بعد الّذي حَقّقَهُ المِعراجُ
العينُ والخلاءُ والتّقريبُ = لاغَروَ منه إنّه الحبيبُ
هيهاتَ ذلكم حبيبُ الذّاتِ = تعالى عن حوادثِ الصِّلاتِ
يَرتشفُ اللّطافةَ الكُنهيّه = مِن مَشربٍ مِزاجُهُ الهُوّيّهْ
وَصلٌ بِلا فصلٍ ولا فِصامٍ = سَقيٌ بلا مَهلٍ ولا فِطامٍ
ما بينها وبينَهُ حِجابُ = بل لا مَعارجَ ولا أبوابُ
يُنادمُ القدسَ لدى الآزالِ  = بِخمرةٍ ذاتيّةُ الجمالِ
سُلافةٌ صِرفيّةُ الشّؤونِ  = والذّاتُ ذاتُ الصِّرفِ والكُمُونِ
يَنشَقُها بِنُكْهَةِ الإطلاقِ  = بِمعْزِلٍ عن مَشْرَبِ العُشّاقِ
وأنّى للجُنونِ والشُّجونِ  = مِن حضرةِ البَقاءِ والعُيُونِ
مِن حيثُ لا شَوقٌ ولا غرامُ  =  بل لا صبابَةٌ ولا هُيَامُ
هناكَ حيثُ الوصلُ والدَّلالُ = فالأينُ عَينٌ والسِّوى مُحالُ
W W
فكيف والرُّسْلُ ذُوُوْ العَزائِمْ =   مِن لَفحاتِ عِشقِهِ هوائِمْ
كأسُ النّبوّةِ وما أدراكَ  =ومَن يُدريكَ ماجرى هُناك
باتُوا على أعتابِهِ سُكارى=   ثُمالى مِن خمرتِهِ حَيارى
وكلَّما إزدادوا منه قُرْبًا=  يَزيدُهم نَهمًا له وَحُبًّا
فحبُّهم هوَّ الّذي قرّبَهُمْ = بل قُربهُم هُوَ الّذي حبَّبَهُم
فالحبُّ يَنبُضُ على قدرِ الصّفا = وكلَّما زادَ النّوى زادَ الجَفا
W W
أليس ذاكُم أصلُنا وكلُّنا  = مِن قبلُ أومِن بعدُ هوَ خِلُّنا
أليس مَن أنوارُهُ تَهدينا = أعظمُ مِن حقوقِ والِدِينا
أليس مَن أتى إلينا مِنّهْ  =أولى بنا في كلِّ شيءٍ مِنّا
أليس مَن يُمدُّنا مِدرارًا = أحقُّ أن نَعشَقَهُ جِهارا
أليس مَن يرعانا بالدّوامِ = أجدرُ أن يُشكرَ بالهُيّامِ
أليس ذاكم أقربُ الأحبابِ  = لولاكم مِن دونِهِ كالحِجابِ
أليس ذاكم عَيلَمُ السّعادَهْ=   و سِدرةُ الجِذبانِ والإرادَهْ
بلى بلى فإنّه مَولانا  = وهْوَ الّذي على الورى عَلّانا
وكيف لا وذلكم مَحْتِدُنا = لاتَنكفُوا فذلكم سيِّدُنا
لَتَحْسِدَنَّكم عليه الأمَمُ = وتَغبطنّكم عليه القِمَمُ
W W
كفى لقد وُثِّقَ بالتّنزيلِ   =والحبُّ لا يَحتاجُ للدّليلِ
فهْو الّذي لأجلِنا تَنزّلْ    = وكم تَحَمَّلَ وكم تَكفَّلْ
وهْوَ الّذي بِمَجدِهِ ارْتَقِينا  =وبِرَحِيقِ عزمِهِ اسْتَقِينا
وهْوَ الّذي يَومَ التّغابُنِ العَّتِي=   يُنادي أمَّتي يارَبُّ أمّتي
وإنْ طَمَتْ وزُلزلَتْ زِلزالُها  = يَصْرَخُ مِن عَلَى الملا أنا لَها
ويَفتَحُ الجنانَ للدُّخولِ = ويَبسِطُ الرِّضوانَ للقَبُولِ
ويَجمَعُ البرايا بالوَسِيلَهْ = ويالَها مِن غايةٍ وَصِيلَهْ
W W
ياعجَبًا كيف نَهِيمُ بالسِّوى = مِن بَعدِما الحبيبُ فينا إسْتوى
فهل رَأيتم دونَهُ مَثِيلا  = وهل وَجدتُم بعدهُ بَديلا
ذرْكُم وسَلمى يا أُولي الأحلامِ =  شَتَ ما بَينَ النُّورِ والظَّلامِ
القُدسُ هذا الجَمعُ هذا العينُ =  والرِّجسُ ذاكَ الفَرقُ ذاك الغَينُ
يُوحُ الجمالِ السّاري في الظِّلالِ =  قَيسٌ وليلى دونَهُ مَجالي
أسُّ المعاني الجاني بالمَباني  =والكلُّ مِن إبداعِهِ الأناني
فالحُسنُ ما مِن نَعلهِ مَبسوطُ =  والحبُّ ما مِن شِسعها مَنُوطُ
فلن يَذُوقَ الوَجدَ ذُو جُنُونٍ =   إلّا مِن خمرِ جَذبهِ المشحونِ
ويومَ يُكشفُ غدًا عن ساقِ =  سَينجلي حقيقةً ما السّاقي
حينَ يَهِيمُ الكلُّ بالأعتابِ =   بُعَيدَ قَشْعِ غَمْرَةِ الحِجابِ
W W
ألا وإنّ العشقَ ذُو فُنونِ = وكم بَدى بالقومِ مِن شُجونِ
فَطَهِّرِ البيتَ مِن الخساسَهْ =  فالقدسُ لا يَحِلُّ في النّجاسَه
والقلبُ بيتٌ واحدٌ أناني = وأبدًا ما باتَ فيه اثنانِي
ما الشّأنُ أن تحبَّهُ كالنّاسِ =  وهل تَرى التُّرابَ كالألماسِ
ولا كحبِّ المالِ والأولادِ = ولا كمسلكِ الهوى المعتادِ
ولا كَتَوقِ مُتعةِ الجنانِ   = ياخاطِبي الحسانِ والبُنيانِ
وبل مافوقَ حبِّنا الأناني  = فحبُّه مُقدّسٌ ربّاني
W W
ويْسَكَ ليس الوجدُ بالجُسومِ = ولا بِحِفظِ العِلمِ والرُّسومِ
بل ذاكَ مِن فَصِيلةِ الأذواقِ = لا يَتأتى إلّا بالأتواقِ
مَعنًى عزيزٌ دونهُ الأخطارُ = النّفسُ والرّجيمُ والأغيارُ
وكايِنْ للكؤوسِ مِن غُيوبِ = كما على النُّفوسِ مِن حُجُوبِ
ولا يزالُ الصَّبُّ في التّراقي = مادامَ يُسقى جُرعةَ الأشواقِ
فهذا في ودادِهِ رَضِيعُ =   وذاك في غرامِهِ ضَلِيعُ
ليس المريدُ ولَهًا كالعارِفْ =  شتّانَ بينَ راشِفٍ وغارِفْ
وهكذا مِن دُونِما رِوايَهْ =    نهايةُ العُشّاقِ كالبِدايَهْ
بحرُ المودّةِ خِضَمٌّ طامي   = لا مَرمى يُلفى بعدهُ لِرامي
W W
ولْتأتسوا بقصَصِ الغرام  =لا سيّما الصحابةِ الكرامِ
فلم نرى ولن نرى في الحبِّ =  مَن أخلصُّوا وجدانَهم كالصّحبِ
وماذا بعدَ البَذلِ للأرواحِ  =شَطّانَ بين الكتمِ والبَواحِ
لاريبَ أنّهم سلاطينُ التُّقى = حيثُمْ بالحبِّ إرتَقى مَنِ اسْتقى
كم هَتَفُوا بوصلِهِ وصاحُوا= وكَم نَعَوا فصالَهُ وناحوا
وإن رجَوتَ مَهيَعَ الصّبابَهْ=   فدُونكَ الصِّرفَ لدى القرابَهْ
كانوا ولا زالوا لنا أيِّمّهْ  = في كلِّ نهمةٍ وكلّ هِمّهْ
طلعتُهم تُشَحِّذُ الوجِدانا =  كم أجلَفٍ راحَ بِهِم وَلهانا
كفاكَ بالمشاربِ الصُّوفِيّهْ  = مسالكٍ وجديّةٍ صَفِيّهْ
فما انتشَقْنا نسمةَ المحبَّهْ=    إلّا مِن الأحبّةِ الأطبّهْ
فَهِمْ بِهِمْ تَرِدْ مِن المعينِ  =  فهُم لِعين عينِهِ كالعَينِ
ويْكَ ولا تُصغي لِمن تَولّى  = فالعِشقُ سِرٌّ قلّما تَجلّى
ذاكَ له حَجْرٌ مِن العُقولِ  = وذا بِهِ قَصْرٌ مِن النُّقولِ
والأدهَى والأمَرُّ في مَنَ انكَرُوا=  قد أكلُوا النّعماءَ ثمّ كفرُوا
فاليومَ ما أكثرُهم في الأمّهْ  = إنّ وجودَهم علينا غُمّه
ياعجبًا هذا الحبيبُ هذا  = نُورُ الهدى وإلّا ذا بماذا
تلكَ اليّهودُ علَقَتْ بِمُوسى = ثمّ النّصارى كَلَفَت بِعيسى
فأين أنتِ أمّتي مِن الأمَمْ = ألستِ أمَّ العالمينَ في القِيَّمْ
دعكِ مِن السّخافةِ التَّيمِيَّهْ = واستمسكي بالعُروةِ الأمِّيّه
إلى بُزوغِ الزَّبرقانِ المهدِي =  ليُجلي عنكِ غَمَراتِ النّجدِي
الإيمان
مَهْ مَهْ كفى يامُدّعي التّوحيدِ =  إنّ الحبيبَ مَظهرُ التّفريدِ
مهما شَهدتَ للإلهِ الواحد =    لكن سَتبقى دونهُ كالجاحِدْ
حتّى تُصلّي المجلى بالشّهاده =   وعندَها سَتُقبلُ العِباده
وإلاّ لَومٌ على اليّهودِ =  إن كان لا اعتبارَ للجُحودِ
ومَن يَدُلُّنا على الغُيوبِ =  غيرُ الّذي تَربّى بالوُجوبِ
ومن ذا يَهدِينا إلى الإيمانِ =   ما عَدا مَن تَحلّى بالقرآنِ
ومن ذا يَسقينا مِن اليقينِ =   سِوى الّذي تَجلّى بالعَينينِ
W W
ذاك رسولُ الذّاتِ للوُجودِ = رسالةُ الايجادِ والمدودِ
منذُ بلى شهِدَتِ الأرواحُ =  واليومُ قد أنكرتِ الأشباحُ
فالأنبياءُ طُرُّهم أقرُّوا  = وعلى كأسِ عِشقِهِ أصَرُّوا
إيمانُنا بما بَدى بِدايَه = وما لأغوارِ اليقينِ غايَه
ظاهرُهُ شريعةٌ أنيقَهْ =   وضِمنَهُ حقائقٌ عَمِيقَهْ
غياهِبٌ تَفُوقُ في الغُيُوبِ  = لا تَتجلّى إلاّ للقلوبِ
مِن بعدِما تَرْوَى مِن الوجدانِ =   وتَمزِجَ التّوحيدَ بالعرفانِ
فعندَها سَيرسَخُ اليقينُ =   وتُشرقُ العينُ وتَعمى الغَينُ
مقام الصلاة
اللهُ صلّى أزلًا بالذّاتِ=  ولا يزالُ أبدَ الصّفاتِ
فلا تقلْ كيف ولا ماهِيَ = والعينُ لا تَدْري لها ماهيّه
مهٍ مهٍ فالصّلةُ العينيّه = سِرٌّ ما بين الهُوّ  والأنيّه
مِن حيثُ لا قابٌ ولا قَوسينِ =  أدنى مِن البُؤبؤ في العَينينِ
كأيِّن مِن عزائمٍ قد طارَتْ =  تُرَجّـي ناموسَ الأنا فحارَتْ
فيا تُرى يَحتاجُ لِلصَلاتِ = وضِمنَهُ ذاتيّةُ الصِّلاتِ
أو كيفَ يَفقَرُ إلى الإمكانِ =  مِن بعدِ ما ارتَوى مِن البُطنانِ
تأدَّبُوا فحيثُما صَلّينا =  فإنّما صَلاتُنا علينا
كأنّها ذكرٌ له وشُكرُ  = بل إنّها سِرٌّ لنا ونُورُ
فمِثلُنا يَدعُوا له الحبيبُ = أليس هُو بابُنا القَريبُ
كالبَحرِ لا يَحتاجُ للزِيّادَهْ =  إذْ هو عَينُ الفَيضِ والإفادَهْ
فالشَّمسُ في غِنًى عن الأقمارِ = واليَمُّ في وُسعٍ عن الأمطارِ
W W
واجبةٌ في اليومِ دونَ عدٍّ  = والشُّكرُ لا يَقفُ عندَ حدٍّ
ومنذَا يُحصي كثرةَ الإمدادِ =  لِيقضي بالصّلاةِ والوِدادِ
لو دُمنا طِيلَ وَقتِنا نُصلّي =  لَما أتَينا بأقلِّ القُلِّ
لكنّنا لم نَفقَهِ العِبادَهْ =  حتّى تَثَبَّطْنا عنِ الإراده
فقَصُرَتْ على سَماعِ ذِكرهِ=  وإلّا لا داعي لنا لِشُكرِهِ
وأين داعيَ الغَرامِ فِينا =  مِن قبلِ كونِها علينا دِينا
فلا صلاةَ إلّا بالصّلاةِ =  ولا صِلاتَ دُونها بالذّاتِ
تَسْتَقي مِن فرائضِ القُرآنِ = لِتَسري في الإسلامِ بالإيمانِ
فما خلا مِن نُورِها طَريقُ =  ولا اغتنى عن سرها مضيق
لكونها غوّاصةُ البُحورِ =  بل إنها سبّارةُ السُّتُورِ
حِصنٌ لنا مِن وَطأةِ الجلالِ =  تَحفظُنا في الحالِ والمآلِ
وإنْ طَمَتْ وما وَجدتَ حِيلَهْ =  فإنّها شفيعةٌ وَسيلَه
وادعُوا بها فإنّها البوابَهْ = واجهةٌ مَضمُونَةُ الإجابه
واسلُك بها تَرقى إلى الحبيبِ=  وليس بعد ذاك مِن نصيبِ
فالقومُ كم ساروا بها ونالُوا  = وكم تَطَوَّرُوا بها وطالُوا
كم ألَّفُوا في وصفِها وصنَّفُوا  =  وهندَسُوا في شكلِها ولَطَّفُوا
كلٌّ على قدرِ الهوى يَنُوحُ =  وعلى قدرِ سقيِهِ يَبُوحُ
فمنهمْ مَن يُصلّي بالأقوالِ  = ومنهم مَن يَنبضُ بالأحوالِ
وأبدَ الآبادِ لن يَسْتنكفُوا  = يَغترفُون الوَصْلَ أو يَرتشِفُوا
مقام الإتباع
طُوبى لنا بِمَشْرَعِ الهدايَهْ=  سبيلُهُ وإلّا فالغِوايَهْ
فالمرسلُون دونَهُ ظِلالُ =  وكلُّ دَرْبٍ غيرُهُ ضلالُ
فليسَ إلاّ نهجَهُ المقصُودُ = وأيُّ بابٍ بعدهُ مَسدودُ
الدِّينُ واحدٌ وطَهَ السّاقي =  والأنبياءُ حولَهُ سَواقي
يَرْوُونَ بالتّحقيقِ والفُتُوَّهْ=   فيرثُونَ نِسبةَ النُبُوَّهْ
يسُوسُهم في حَضرةِ الأسماءِ = بما له مِن خِبرةِ العَماءِ
وحيثُها أرسلَهُم نُوّابا  = فأصبَحُوا لِقُدسِهِ أبوابا
وأُسْرَةُ الأملاكِ في المعارِجْ  = ما انْفَك يَهديها إلى المدارجْ
فذاكَ جبريلُ به تَنَبّا = وعلى حِضنِ حِجرِهِ تَربى
والسِّرُّ في مكانَةِ الأصحابِ = وُقُوفُهم قصدًا على الأعتابِ
والأولياءُ يَقْتَفُونَ إثرًا  = لعلّهم يَقْتَبسُون سِرّا
والعلماءُ هذّبُوا المذاهبْ=  وكم أتَتْهُم منهُ مِن مَواهبْ
فالهَديُ باتباعِهِ مَشرُوطُ = والسّخطُ باستعصائِنا مَنُوطُ
وحتّى في النّدبِ وفي الكراهَهْ=  فإنّه المعصومُ بالبداهَهْ
بل في مُباحِ عَيشِنا والعادَهْ =   قُدوتُهُ مَنارةُ السّعادَهْ
أُسْوتُنا في هذهِ والأُخرى =  ومَن لنا بالحَضراتِ الكُبرى
مقام التوقير
أعظِم بِمَن عَظّمهُ العَظيمُ = فأنّى بالغُلُوِّ يا لَئِيمُ
ومَهما جُدْنا فيهِ بالتّمجيدِ  = فقد أتى القرآنُ بالتّوكيدِ
تأدّبُوا إنّ المقامَ عالي   = في القالِ والأعمالِ والأحوالِ
فعَلى قَدْرِ الوُّدِّ في القُلُوبِ =  يَغمُرُها الإجلالُ لِلمَحبُوبِ
إنّ الوقارَ  فيصلُ القَبُولِ =  بابٌ وحاجبٌ عنِ الدُّخُولِ
لِما لهُ في القُربِ مِن مَكانَهْ =  ومِنَّةٍ له على الدّيّانَهْ
فَقِسْ على إِحسانِ الوّالِدَينِ=  وشَتّ مابينَ الدُّنا والدِّينِ
واذكُرهُ بالتَّسويدِ والفَخامَهْ  = حتّى وفي الآذانِ والإقامَهْ
بلْ كلُّ مَنسُوبٍ لهُ مِقدارُ =  فالعِزُّ  لِلْيَعْفُورِ والفَخارُ
لا بِدْعَ في زيادةِ التّقديرِ =  فالنُّسكُ مَوقوفٌ على التّوقيرِ
لذلكمْ حدودُهُ تَجلَّلَتْ =   ما أَهْمَلَتْ فيهْ وما تَمَهَّلَتْ
يُسْفَكُ كلُّ مَن أساءَ رِدًّا = ولو يَتُبْ لِكونِهِ تَعَدّى
فاللهَ أَللهَ على الإيمانِ = نَعوذُ بالحُبِّ مِنَ الكُفرانِ
مقام النصرة
حذاري مِن دَمْدامَةِ الإعدامِ = فالقَدْرُ سامٍ والمقامُ حامِ
تَفدِيهِ أمُّ القُدسِ بالصّفاتِ =  حَمِيَّةً وغِـيرةً للذّاتِ
فالعِزُّ مِن حُصونِهِ الشّديدَهْ = والوَيلُ مِن سِهامِهِ السَّديدَهْ
والرُّسلُ في سُلطَتِهِ مُجنَّدَهْ=  والصّحبُ مِن قدرتهِ مُؤيدَهْ
والأولياءُ دونَه صُفوفُ=   والسُّبحاتُ حولهُ تَطوفُ
وماذا تَعني نُصرةُ الآثارِ=  لِمن كفَتهُ عِصمةُ القَهّارِ
فإلّا تَنصرُوهُ وهْوَ الهادي  =  فما شَكرتُم نِعمةَ الإمدادِ
ذبًّا على الإسلامِ والقُرآنِ  = ونَخوةً بالعقلِ والوِجْدانِ
نَنصُرُهُ بِما لنا مِن قُوَّهْ =  أشدُّ مِن حَمِيّةِ الأُبُوَّه
بِلُغَةِ اللّسانِ والأقلامِ =أو ثَورةِ الصّاروخِ والضِّرامِ
بل هِمّةِ الغَرامِ والأحوالِ  فما الكِـفاحُ إلّا بالرِّجالِ
بَدْهًا ِبما فِينا مِن الهواجِسْ =  ومايَصُدُّ عنهُ مِن وَساوِسْ
جِهادُنا الأكبرُ للنُّفوسِ =  وليس لليَهودِ والمَجُوسِ
لولانا ما تَجرأَ العُدوانُ = ولا اعْتدَى حَومَتَهُ نُكرانُ
فنحنُ مَن أسأَنا في البِدايَهْ =  حيثُ عَكَسْنا صَورةَ الهِدايَهْ
بما يُشاعُ فِينا مِن شِقاقِ=   تَشُنُّهُ دِعـايةُ النّفاقِ
وهاتِهِ حقيقةُ الجهادِ =  مَرحُوقَةً مِن زَهرةِ الوِدادِ
مقام المعرفة
مَنِ اكتـفَى بالعِلمِ ما كَفاهُ = فالجهلُ بالأُسوةِ ما أجْفاهُ
لَزِمَ أن نَعرفَهُ تَفصِيلَا  =  لِكونِهِ بكلِّهِ دَليلا
ظاهرُهُ يُتَرجِمُ الفُرقانَا  = وبَطْنُهُ يُؤوِّلُ القُرآنا
إن رُمتَهُ وجَدْتَهُ شَريعَهْ =  مَحفوفَةً بالتُّحَفِ البَديعه
وإنْ تبصّرتَ بما يُواري = لَشِمْتَ سِرَّ الذّاتِ فيهِ ساري
نَزلَتُهُ كمضربِ المِثالِ = في قَولِهِ وفِعلهِ والحالِ
فما أمسَّ حاجَةِ العَوالِمْ = لِسيرةٍ جامعةِ المعالِمْ
أبصِرْ بهِ لِيَرتَوِي الوِجدانُ = ويَستَـقي مِن وِصفِهِ الجَنانُ
كم غِيثَ وَلهانٌ مِن الشّمائِلْ = وسارَ حَيرانٌ على الدّلائلْ
مَدرسَةٌ إنْدَرسَتْ وهُمِّشَتْ = وحتّى لو تَدارَسَتْ لَشُوِّهَتْ
فبعضُهم يَعُدُّها تَوريخُ =  وآخر مُستَشرقٌ مَسِيخُ
وغيرهُم يَكتـفِي بالرِّوايَهْ = وقَلَّ في السّاحةِ ذُو الدّاريَهْ
فمِثْلَمَا نَحتَـجُّ بالتّدقِيقِ =  نحتاجُ للفِقْهِ وللتّحقيقِ
نَفْقَهُها كجُملةِ العُلومِ = لِنَعصِرَ المعنى مِن الرُّسُومِ
لَكنّما المعرفَةَ الحَقيّه  =  تَختَصُّ بالمداركِ النّـقِيَّه
كمِ ارتَوى الأقوامُ مِنها رَيّا  = مِن بعدِما تَجرعُوا الحُميّا
ولا يزالُ كنهُهُ كما هُوْ = فما تَحـقَّقَ بهِ إلاّهُ
مقام الشّكر
يافَرحةَ الأنامِ بالحبيبِ = لقد تجلّى الحقُّ مِن قريبِ
تَباشَري يا أمّةَ النُّزولِ   =بالفضلِ والقبولِ والوصولِ
فكم له علينا مِن حُقوقِ  =وكم أتاهُ مِنا مِن عُـقوقِ
لا حَمدَ للهِ مِن العبادِ  = إن جَحدوا واسطةَ المدادِ
فاشكرْ بهِ الرّبَ إذا تجلّى=  لِكونهِ لولاه ما استهلَّ
كشُكرِ آبائكـمُ بل أعلى = نِعْمَ الكريمُ ويانِعمَ المولى
ياليتَنا نُوَّفي شُكرَ آيَه=  كيف وما لِفضلهِ مِن غايه
فلو مَدَحْنا الدّهرَ ما قَضَينا = ببعضِ بعضِ ما لهُ علينا
يَقِلُّ فيه الحمدُ باللِّسانِ = حتّى يَـقِرَّ المَنُّ بالجَنانِ
فتَنشطَ الأعضاءُ بالأفعالِ = لِخدمةِ الأعتابِ والنّعالِ
لا تَنكـفوا فالرُّسْلُ بالعزائمْ  = مابين خادمٍ لهُ وهائمْ
وذلكم فرقانُهُ المؤَزّلْ  =بحمدهِ ومدحِهِ تَنزّلْ
فَثُوري يا أمّتي بالأفراحِ=   وبَهرجِي الأجواءَ بالأمداحِ
واحتـفلي ببهجةِ الجمالِ=   وجدِّدي الذِكرى على التّوالي
كلّا ولا تَعْبَئِي بالنُّكرانِ  = فالمدحُ مِن مَفاصِلِ الشُّكرانِ
مقام التّوسل
مَهلًا يا طالبي الهُدى تمهّلُوا  =    تَوسّلُوا وإلّا لن تتّصلُوا
وكم لِمعنى الوَسْلِ مِن دلالَهْ  =   أهمُّها وَسيلةُ الرّسالَهْ
كفاكَ في شهادةِ التّوحيدِ  =  بأنّـه ساقيةُ التّـفريدِ
لاغَرْوَ أن نَقصُدَهُ في العادَهْ  =  لكونِه واسطةَ العبادَهْ
لكنّها في شرعِنا مَكتُوبَهْ   =   وفي أُمورِ عَيشِنا مَندُوبَهْ
وحيثُ كان الحقُ في الهاهوتِ  =    فإنّه بوابةُ النّاسوتِ
وما لنا إلّاهُ مِن سبيلِ =    ومَن أبى فليأتي بالبَديلِ
لابُدَّ منه أبدًا ولاوَزَرْ  =  فليس للإمكانِ دُونهُ أثَرْ
رحمتُهُ تُحيطُ بالعبادِ   =  في الدّينِ والدّنيا وفي المعادِ
رابطةٌ لازمةُ الوجودِ    =  جامعةٌ لِمُجملِ المُدودِ
تَظهرُ يومَ الفَصلِ بالشّفاعَـهْ  =   وفي كَثِيبِ الوَصلِ بالمناعَـهْ
النّصيحة
يا راشِفَ الوجدِ مِن المعينِ  =    أُدعُوا إلى سبيلهِ المُبينِ
فمن رَوى مِن خمرةِ الجمالِ  =   رَوى حديثَ الوَصلِ باللّيالي
وباتَ يَهدي سالكي الطّريقِ  =   إلى حُدودِ دولةِ التّحقيقِ
ياحَبّهذا النّهجِ كانَ فِينا  =    ياحَوجتاهُ بعدَ العارِفينا
أين الحبيبُ اليومَ مِن أمتِهِ =    وأين مَن يَفْنى على خدمتِهِ
هيهاتَ أين داعيَ الودادِ = مازال في الأمّةِ مَن يُنادي
وأينَ مِنّا دَيدنُ الصّحابَهْ = أجِيبُوا يا فوارسَ الخطابَهْ
وأنّى منّا مَشربُ القرابَهْ = يا رائدي التّدريسِ والكتابَهْ
أو أنّنا زَهِدنا في النُّـبُوّه = كأنّنا في عِزّةٍ وقُوّه
ويْكُم تناصحُوا على المحبّه = وماذا يُـغني القِيلُ يا أَرِبَّهْ
فكم وكم مِن عالمٍ وقاري=  لكنّهم سيلٌ بِلا قراري
فأينَ أنتم ياجُنودَ الهادي = قد عَمَّتِ البِلادُ بالإلحادِ
كأنّنا في أمّةِ اليَهودِ=  لِهَوْلِ ما نَرى مِن الجُحودِ
فجهِّزوا العُدّةَ للمَهديِّ=  لِرفعةِ البُنْدَ المحمَّدِيِّ
مقام الزيّارة
وإنْ جَوَتْ وصَدّها الفِراقُ=  عَجَّتْ إلى لِقائِهِ الأشواقُ
فوَصْلُهُ أنْدَى مِن النَّعيمِ = وفَصْلُهُ أرْدى مِن الجحيمِ
سلِ المجانينَ عنِ العذابِ =  لَقالوا في البَينِ عن الأحبابِ
وماذا بَعدَ فُرقةِ المحبوبِ = وما الحياةُ إلّا بالقلوبِ
ما أعْجَبَ الخِلافَ في الزِيّارَهْ = في زمَنِ الأهواءِ والقَذَارَهْ
ياقَومِي أينَ واجِبُ الوفاءِ=  أوَ لَمْ تَكتَفُوا مِنَ الجَفاءِ
وإلّا مَن يَسْقِينا بالأنوارِ =  ومَن يُزكّينا مِن الأغيارِ
يَفرَحُ لِلمُحسِنِ بالشُّكرانِ =  ويَدعُوا لِلمُسيءِ بالغُفرانِ
نُبُوّةٌ قائمةٌ لو زالَتْ = لَكفَرتْ أمَّتُهُ وحالَتْ
عينُ الحياةِ لا تَموتُ أبدًا  =تَفيضُ سرمدًا علينا مَددًا
فكيفَ والأملاكُ كالفَراشِ = تَهوي مِن العرشِ على الفِراشِ
كالرُّسلِ والأصحابِ والأقطابِ =  لا يَبرحونَ زَوْرَةَ الأعتابِ
يَرجُونَ مِنها نفحةً أُنسيّه=   تَفُوحُ مِن رَوْضَتِهِ القُدسيَّه
فحيَّ يا ذَوي الأشواقِ هيّا = إلى الحُمَيّا أو إلى المُحيّا
الولاء
لاتَحزني يا أمّتي المسكِينَهْ=   فآلُ ياسينَ لنا سَفِينه
خلائفُ الحبيبِ في النُّبوّه  =والورثُ دومًا يَسري في البُّنُوّه
قرائنُ القرآنِ في الرّسالَهْ =  كفى بهم ما بيننا دلالَهْ
فقدرُهم مِن قدرهِ مَبسُوطُ = وَودُّهُم في وُدِّه مَشرُوطُ
ولاؤُهم وإلّا لاهِدايَه =  إنَّ الولاءَ مَشربُ الوِلايه
أعتابُهم وإلّا لا دَخولُ  =      لا يتأتّى دونَهم وُصولُ
لابُدَّ منهم فهُم الأبوابُ = وإلّا فالحِجابُ والعذابُ
فإنّهم واسطةُ المدودِ  =  بلِ انّهم وسيلةُ الشّهودِ
إذا تخلّى جَدُّهم تَجلّوا =  وإن تَجلّى ضمنَهُ تَخلّوا
فاسْتمسِكوا بالعُروةِ الوَثيقَهْ  = شريعةً طريقةً حقيقه
لهؤلاءِ أصلُنا المجيدُ  = وبالسّاداتِ تَرتقي العبيدُ
إكرام الصحب
وإن قَصَدتَ مَسلكَ التّحقيقِ  = فليس بعدَ الصّحبِ مِن طريقِ
كأنّهم لنُورِهِ ظِلالُ = بلِ انهم لِذاتِهِ خِصالُ
مَدرسةُ الإسلامِ والقرآنِ = ومَشرعُ الإيمانِ والإحسانِ
فكلُّهم على الهُدى نُجومُ =حذاري إنّ عرضَهم سُمومُ
سلَفُنا الصّالحُ للرّسالَهْ = تربيةُ القُدُّوسِ بالأصالَهْ
حقٌّ علينا ذكرُهُم بالحُسنى = وشكرُهم على التّراثِ الأسْنى
وعلى ما تَحمَّلُوا لأجلِهِ = ولاشتغالِ كلِّهم بكلِّهِ
هم أصلُنا في الدِّينِ والأخلاقِ = كونوا لهم ياقَومي بالأشواقِ
يافخرَنا بِذُروةِ الأمجادِ  = فاسْتوثِقوا بِعُروةِ الإسنادِ
النوافل
كابِد هِيّامًا وتفنّنْ وَجدَا = فالنّفلُ مِن بعدِ الأداءِ أجْدى
ولا تُحَجِّر مُقتضى النُّصوصِ = وَرِدْ على مواردِ الخُصوصِ
واستفتِ قلبكَ وإن أفتوكَ=   ولا تَهِن حتّى وإن رَمَوك
فدِينُنا الكاملُ ذو مَدارجْ   =فهذا ساريٌّ وذاك عارجْ
فذاك يكتفي بفعلِ الأصلِ=  وهذا طِيلَ يومِهِ في النّفلِ
وذاك يرجُوا جُنَّةً وجَنَّهْ = وهذا لا يَرى الرّياضَ مِنّهْ
وجاهدِ الغفلةَ جِدّا جِدّا = فالفصلُ عندهُم يُعَدُّ رِدّا
واحرِص على مَجالسِ الوِصالِ =  ولا تَذُق إلاّ بكأسِ الآلِ
وإن وَلَجتَ باحَةَ العِبادَهْ =   فاستسقي مِن فياضةِ الإرادَهْ
لِتَروى بالخُشوعِ والحُضُورِ = فتَفنى في أنيَّةِ المذكورِ
مِن حيثُما نفّاحَةُ الأدوارِ=  تَفِيضُ بالنُّورِ على الأذكارِ
فاذكر بِهِ الرّحمنَ بالأسماءِ =  تَرقى إلى طوابِقِ العماءِ
واسبَحْ بهِ في لُجَجِ التّسبيحِ =  تَفَسُّحًا في قُدسِهِ الفَسيحِ
واحمَدْ بهِ نوازلَ المدودِ  =  لكونِهِ مُحمّدَ الوُجودِ
ووَحِّدِ الذّاتَ بهِ تاحِيدًا  = مادامَ في هاهوتِهِ صَمِيدًا
وانفِي بهِ السِّوى عنِ الإدراكِ = فدِرْعُهُ الحِصنُ مِن الإشراكِ
وكـبِّرِ الحقَّ بهِ كمالَا =  فإنّه نَصّبَهُ مِثالا
وعُذْ بهِ إن هَمَّتِ الوَساوِسْ =  لِتَنجلي بِنُورِهِ الملابِسْ
ولُذْ بهِ إن ساطَكَ الزَّمانُ=  ولا تَخَفْ فإنّهُ السُّلطانُ
وتُبْ بهِ مِن غفلةِ الذُّنوبِ = تَشفُّعًا برحمةِ المحبوبِ
وقُمْ بهِ إن قُمتَ للصّلاةِ = لِتَصلى نُورًا مِن صِلاتِ الذّاتِ
واحرِم بهِ مُستقبلَ الأنيَّهْ=  واستهدي مِن وِجهتِهِ العَينِيَّهْ
واسجُدْ بهِ تَفنى عنِ الإمكانِ = في مَسجدِ الإحسانِ والكُثبانِ
ووَضِي قلبَكَ مِن النّجاسَهْ=  بِصَرخةٍ مِن لَفظةِ القداسَهْ
وصُم بهِ عن مَشهدِ الأغيارِ = كي تَتحلّى صبغةَ الأسرارِ
وزَكّي كُلَّكَ له لتَـفْنى=  فَتَبقى في فِنائِهِ أوَ ادْنى
وازْهَدْ بهِ عن زَهْرَةِ الكونَينِ = لِكيما تَرتوي مِن العَينينِ
وارضَى بهِ عن القضاءِ والقدَرْ =  فالأمرُ منهُ وإليهِ المُستـقَرْ
وارغَبْ بهِ في نفحَةِ الجمالِ =  وارهَبْ بهِ مِن عزّةِ الجلالِ
وخُضْ بهِ بَواطِنَ الكِتابِ = لِتُلهَمَ المعنى مِن الخِطابِ
واحيَ بهِ اللّيلِ حُضورًا وصَفا =  فالخمرُ لا يَرُوقُ إلّا في الخَفا
وشاهِدِ الكنهَ بهِ جَنانا =  لِتَنجلي لك الأنا عَيانا
ووَقِّفِ القصدَ لهُ إرادَهْ = وتلكـمُ حقيقةُ العبادَهْ
الفتوح
يا والعَ الأورادِ والمواجِدْ = حيّ على الشُّهودِ والموارِدْ
لا تَأسى إنْ وُصِدَتِ الأبوابُ= إنّ التّعلّقَ هوَ اللُّبابُ
بُشرى لنا بِمشربِ الكثيبِ =  مِن مَدْرَجٍ مُمَهَدٍ قريبِ
السّيرُ فتحٌ والسُّلُوكُ جَذبُ = والوِرْدُ سِرٌّ والسّماعُ وَهْبُ
فلحظةٌ مِن دَربِهِ كالدّهرِ =   وقطرةٌ مِن شُربِهِ كالبَحْرِ
ناهِيكَ مِن طريقةِ الأصحابِ = لا تَتَسنّى إلاّ للأحبابِ
بل انّها مَنارَةُ المسالِكْ=  تَحمِي المريدينَ مِن المهالِكْ
مَسيرةٌ غايَـتُها المعيّه = ويابَى الحُبُّ إلّا بالجمعيّه
نَرِقُّ حتّى يُقْشَعَ الحجابُ = ونَرقى حتّى تُفْتَحَ الأبوابُ
فَتُشرقَ العينُ مِن المحيا=  وتَشنفَ الأُذنُ بِحيَّ حيّا
فنَفنى عن بُنْيَتِنا الفَتـيّه = تَحقّقا بالصِّبغةِ الكُنتِيّه
وتُشحنُ القلُوبُ بالمعارِفْ=  بِمعزِلٍ عن مِغزَلِ المخارِفْ
هذا هُنا وهاهناك أسْمى = وليسَ بعدَ وصلِهِ مِن مَرمى
خاتمة
طفحت الأشجان من فؤادي = صارخة بمنهج الرشاد
نصيحة من دونما فضاضة = خذوها عني بلا غضاضة
تذود عن محارم الحبيب = سفاسف السفيه والمريب
في زمن ديدنه الجهاله = حضارة بصبغة الضلاله
عالمهم أجهلهم بالله = وقطبهم في جده كالاهي
شعارهم الخوض والمراء = والدين من هرائهم براء
عصارة من مرج الوساوس = ممزوجة بنكهة الهواجس
تقمصوا السنة والكتاب = فخربوا أسسها خرابا
تتبعوا كل كمال فيه = بالشك والنكران والتشويه
فحرفوا معالم الديانه = وهونوا قداسة الأمانة

لكن سيبقى الحق في الجماعه = مسيطرا إلى قيام السّاعه
يصونه البيت المحمديُّ  = وكلهم محمدٌ مهديُّ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 

تعديل

تعديل

تعديل

تعديل