الأحد، 16 مارس 2014

** الوارث المحمّدي **

المحمديون : هم الإلهيون ، وهم أعلى الطوائف الذين لا مقام لهم ، وذلك لأن المقامات حاكمة على من كان فيها ، وهم من لهم الحكم لا من يحكم عليهم  .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي  :
« لا يقال في أحد من أهل هذه الطريقة ، أنه محمدي إلا لشخصين :
إما شخص اختص بميراث علم من حكم لم يكن في شرع قبله ، فيقال فيه محمدي .
وأما شخص جمع المقامات ، ثم خرج عنها ( لا منها ) إلى لا مقام ، كأبي يزيد 
وأمثاله ، فهذا أيضاً يقال فيه محمدي ، وما عدا هذين الشخصين ، فينسب إلى نبي من الأنبياء ، ولهذه ورد في الخبر : ( إن العلماء ورثة الأنبياء ) ، ولم يقل : ورثة نبي 
خاص ، والمخاطب بهذا علماء هذه الأمة ، وقد ورد أيضاً بهذا اللفظ قوله e : ( علماء هذه الأمة أنبياء سائر الأمم ) ، وفي رواية : ( كأنبياء بني إسرائيل ) ».

ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي   :
« يتميز المحمدي : بأنه لا مقام له بتعين ، فمقامه أن لا مقام ، ومعنى ذلك ما نبينه : وهو أن الإنسان قد تغلب عليه حالته فلا يعرف إلا بها ، فينسب إليها ، ويتعين بها ، والمحمدي نسبة المقامات إليه نسبة الأسماء إلى الله تعالى ، فلا يتعين في مقام ينسب إليه ، بل هو في كل نفس وفي كل زمان وفي كل حال بصورة ما يقتضيه ذلك النفس أو الزمان أو الحال ، فلا يستمر تقيده ، فإن الأحكام الإلهية تختلف في كل زمان فيختلف باختلافها ، فإنه U كل يوم هو في شأن ، فكذلك المحمدي ، وهو قوله تعالى : ( إِنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ )ولم يقل عقل فيقيده ، والقلب ما سمي إلا بتقلبه في الأحوال والأمور دائماً مع الأنفاس » .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي  :
« الولي الكامل يدعو الله بكل مقام ولسان ، والرسل تقف عند ما أوحي به إليها وهم كثيرون وقد يوحى إلى بعضهم ما لا يوحى إلى غيره ، والمحمدي يجمع بمرتبته جميع ما تفرق في الرسل من الدعاء به ، فهو مطلق الدعاء بكل لسان ، لأنه مأمور بالإيمان بالرسل وبما أنزل إليهم . فما وقف الولي المحمدي مع وحي خاص إلا في الحكم بالحلال والحرام ، وأما في الدعاء ، وما سكت عنه ، ولم ينـزل فيه شيء في شرع سيّدنا محمد eيؤذن بتركه ، فلا يتركه إذا نزل به وحي على نبي من الأنبياء (عليهم السلام) رسولا كان أو غير رسول » .
المحمدي الجامع : هو من ورث سيّدنا محمد e في جمعيته لجميع مشارب الأنبياء 
والمرسلين ، ولم تفته إلا درجة النبوة ، لكونها غير مكتسبة . وجاء من هؤلاء كثيرون من الأمة  .

المحمدي الفرد : هو من تحقق في الجمع بين مشارب مقامات الأنبياء ، فهو الذي من كل الموارد شارب غائب بمولاه حاضر .
المحمدي الكامل : من يكون في مقام شهود أفعال الله تعالى ، وشهود صفاته ، وشهود ذات الله تعالى ، ولا يقف معها ، ويتنقل فيها ، ويتقلب معها أبداً على اختلاف الحضرات والتجليات ، وليس له مقام مخصوص  .
ويقول الشيخ معروف النودهي قدس الله سره :
يقول : « المحمدي الكامل : هو الجامع بين التصرفين الصوري والمعنوي » .
وسئل الشيخ أحمد عز الدين الصياد الرفاعي قدس الله سره : :
بأي علامة نعرف المحمدي الكامل ؟
فقال : « بعلامتين : التحقق بأثر النبي e وحسن اتباعه ، والتمكن بحال النبي e وبشأنه وبشأن أتباعه .
قلت : الأولى ظاهرة ، فما المقصود من العلامة الثانية ؟
فقال : يتمكن المحمدي من الحال النبوي بشأنه ، فلا يؤم منازل الشطح والإدلال والتجاوز انطماساً عن كل ذلك وظهوراً بالحال المبارك المحمدي ، فلا يعلو ولا يغلو ولا يقول إلا الحق ، ويكون كاتماً للأسرار بائحاً بما يوجب الاعتبار ، غائباً عن الأغيار حاضراً مع الأذكار ، كاسياً ببرود الذل لله والانكسار ، خائفاً من الله آناء الليل وأطراف النهار بين طريقي الرجاء والخوف ، منيباً لربه مقبلاً عليه تعالى بلسانه وقلبه ، أكله ما حضر ، ولباسه ما ستر ، وهو من مكر ربه على حذر . إن قام ذكر ، وإن قعد ذكر ، راضياً عن الله في السفر والحضر ، والأمن والخطر ، غيوراً لله ، ولأوامر الله ، ولرسول الله e ، ولسنة رسول اللهe ، ولكل ما يؤول إلى الله ، مع الحق لا يعرف في الحق أباً ولا أماً ، ولا خالاً ولا عماً ، قصده ربه ، وشغله حبه ، هذا حال المحمدي بشأن نفسه . وأما بشأن أتباعه ، فيوقفهم بحاله عند حدّ لا يمكنهم بسببه الغلو بصاحبهم – أعني المحمدي – ولا الإفراط والإطراء به ، فيقوم لهم بذل لله عظيم مع انكسار بحت ، وتمسك بالعروة الوثقى » .
يقول : « المحمدي المقام : هو إما شخص اختص بميراث علم من حكم لم يكن في شرع قبله . واما شخص جمع المقامات ، ثم خرج عنها إلى لا مقام »
ويقول : « المحمدي المقام : هو الذي انطوى عنده جميع مقامات الرسل بقدر حظه ونصيبه منها » .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 

تعديل

تعديل

تعديل

تعديل