السبت، 22 مارس 2014

** التحقق بالقدم المحمّدي **

« معنى أن كل ولي قدمه على قدم نبي : أي يذوق ذوق ذلك النبيe   ويتوجه توجه ذلك النبي e  من غير إحاطة بما كان عليه ذلك النبيe  »([1]) .
الإمام ابن عربي قدس الله سره:
تقول الدكتورة سعاد الحكيم  : « استعمل ابن عربي عبارة ( على قدم ) و ( قدم ) للإشارة إلى القدمية ، وهي اقتفاء الأثر للتحقق بمماثلة صفاتية . مثلاً يقول : فلان على قدم سيدنا محمد  ، وهذا يعني أن المذكور هو ( محمدي ) ، أي أنه سار على أثر أقدام سيدنا محمد e في الطريق إلى الحق ، وذلك بغية الوصول إلى التحقق ( بعينه ) ، فيصبح عين سيدنا محمد e : ( عين صفات ) لا ( عين ذات ) »([2]) .

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني قدس الله سره:
« كل ولي على قدم نبي ، وأنا على قدم جدي e ، وما رفع قدماً إلا وضعت قدمي في موضعه إلا أن يكون قدماً من أقدام النبوة »([3]) .
ويقول الحافظ أبو العز عبد المغيث :
« كنا حاضرين في مجلس الشيخ عبد القادر الجيلي قدس الله سره ببغداد برباطه بالحلبة وكان في مجلسه عامة مشايخ العراق ... والشيخ يتكلم عليهم وقد حضر قلبه فقال : قدمي هذه على رقبة كل ولي لله ، فقام الشيخ علي بن الهيتي وصعد الكرسي وأخذ قدم الشيخ وجعلها على عنقه ودخل تحت ذيله ومد الحاضرون كلهم أعناقهم »([4]) .
ويقول الشيخ محمد بن يحيى التادفي الحنبلي : 
« قال بعضهم : القدم هنا مجازي لا حقيقي ، لأنه المناسب للأدب والممكن عموم وقوعه ، ويقال عن الطريقة قدم . يقال فلان على قدم حميد أي طريقة حميدة أو عبادة عظيمة أو أدب جميل أو نحو ذلك ، والمعنى به : أن طريقته وقربه وفتحه أعلى طريقة وقرب وفتح في حالة انتهائه »([5]) .
ويقول الشيخ أبو سعيد القيلوي :
« لما قال الشيخ عبد القادر  : قدمي هذه على رقبة كل ولي لله ، تجلى الحق U على قلبه وجاءته خلعة من رسول الله e على يد طائفة من الملائكة المقربين ألبسها بمحضر من جميع الأولياء من تقدم منهم ومن تأخر ، الأحياء بأجسادهم والأموات بأرواحهم ، وكانت الملائكة ورجال الغيب حافين بمجلسه ، واقفين في الجو صفوفاً حتى استد الأفق بهم ولم يبق ولي في الأرض إلا حنى عنقه »([6]) .
ويقول الشيخ خليفة بن موسى النهرملكي :
« رأيت رسول الله e في المنام فقلت يا رسول الله : قد قال الشيخ عبد القادر قدمي هذه على رقبة كل ولي لله فقال e : صدق الشيخ عبد القادر ، فكيف لا وهو القطب وأنا أرعاه »([7]) .




[1] - الشيخ علي حرازم ابن العربي جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني ج 2 ص 108 .
[2] – د . سعاد الحكيم – المعجم الصوفي – ص 901 .
[3] - الشيخ محمد بن يحيى التادفي الحنبلي – قلائد الجواهر – ص 26 .
[4] - المصدر نفسه – ص 22 .
[5] - الشيخ محمد بن يحيى التادفي الحنبلي – قلائد الجواهر – ص 23 .
[6] - المصدر نفسه – ص 24 - 25 .
[7] - المصدر نفسه – ص 25 .

** العروج في الحقيقة المحمّديّة **

السير في حقيقة الحقائق : هو عبارة عن السير في الحقيقة المحمدية ، وفي هذه المرتبة المقدسة حصول الفناء والبقاء على طراز خاص ، وفيها ظهور اتحاد مخصوص مع سيد الورىe ، وفيها يتجلى ارتفاع التوسط  . 
السير في الحقيقة الأحمدية  : هو انكشاف المحبوبية للذات التي هي عبارة عن ظهورات حب المحبوب ، بمعنى : أن في ذات المحبوب مع قطع النظر عن صفاته الجميلة يكون فيه شيء موجب للعشق والمحبة . وهو أمر ذوقي لا يدركه إلا من أعطي الذوق  .


الخميس، 20 مارس 2014

** القبلة المحمّديّة **

يقول الشيخ زين الدين الحافي :
« الله سبحانه وتعالى منـزه عن الجهات ، في حكمته اقتضت الاستفاضة ممن في الجهة عن الفياض الحق الذي ليس في الجهة إن عُيِّنَ للبدن الإنساني المركب من الكثرات الكثيرة جهة واحدة يكون في توجهه من تلك الجهة الواحدة إلى الحضرة الواحدية ، وهي الكعبة في عالم الأجسام والأبدان . وَعُيِّنَ للروح الإنساني الذي هو مهبط أنوار الصفات الإلهية جهة واحدة يكون توجهه إليه تعالى من تلك الجهة ، وتلك الجهة هي روحانية رسول الله e في عالم الأرواح . وكما لا يقبل الصلاة إلا بالتوجه إلى الكعبة ، لا يحصل التوجه إلى الله تعالى : إلا باتباع رسوله ، والتسليم له ، وربط القلب بنبوته ، وأنه هو الواسطة بينه وبين الله تعالى دون غيره من الأنبياء ، وإنهم وإن كانوا أنبياء الله وكلهم على الحق ، لكن لا يحصل من الله تعالى فيض إلا من ارتباط القلب بسيدنا محمد e . فبتوجه البدن إلى الجهة الواحدة ، وبتوجه الروح إلى الجهة الواحدة ، حصل للإنسان إستعداد استفاضته من الحضرة الوحدانية »([1]) .



[1]- الشيخ محمد أسعد الخالدي - نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان – ص 45 .     

الثلاثاء، 18 مارس 2014

***فطرة التّعلّق ***

                                 للشّريف الحسني 
1.          أَمَــعشَرَ مَـنْ أَسْلَـمْ ولَم  يَتَعَلَقِ         أَتَرجُو لك الإحسانَ أوْ تَتَــحَقّقِ
2.          حرامٌ دخولُ الدارِ من غيرِ بابِها        تَعَلَّقْ وإلاَّ لا وُصـولَ إلى  الحــقِ
3.          أنشهــدُ  للرّحمــن  دون حبيبِه         عباداتُــــنا  مِّنْ  دونِـه  كالتَزنـــدُقِ
4.          فحضرتُــه  جمعُ الحضـــــائِر كلِّها         وخــــدمـــتُه أصلٌ لكــلِّ الطرائـقِ
5.          فمـــــا نفحةٌ إلاّ  وهُـــوَ مُفيضُها         وذلك مـــشهودٌ  لأَهْـــلِ التَدقُــقِ
6.          حياةٌ خَلَتْ مِنْ حُبِّ طه دَنيّةٌ         فلا معنًى للإنسانِ دونَ التَعَلُّــقِ
7.          فكيف بِنـــا والبَهْمُ دُونَنَا عاشِقٌ          فإنَّنا نحــنُ البَهْـمُ عنــــد التَمَنْطُقِ
8.          تَرى فِرقةٌ  تَأبى السُّلوكَ تَعَنُّتاً          يَـرَوْنَ الوُصُــولَ بالمقــالِ الـمُنَمَقِ
9.          يقولونَ  أَشْركــــتُم  ولكــنّهُمْ همُ          فقولهمُ يَرميهُمُ  صَـــوْبَ  الأَعْنُـقِ
10.        فلَوْ زالَتِ الأَدْرَانُ عنهُمُ سَلْهُمُ          فَـفِطْرَتُهُــــمْ  تُرويــــــهمُ  بــــالتعلق
11.        تَعَلّقُهمْ رَهْــــنُ التّصــوفِ أَوَلاً          وعنـــدَ الصّفاءِ يُـكرمُـوا بـالتَذَوُقِ
12.        وبعدَ زوالِ الغينِ بالعين نرتقي          فـنفنى ونـــــبقى بالأنَـا  نتَـــحَقَقِ
                               انتهى       

الأحد، 16 مارس 2014

** الوارث المحمّدي **

المحمديون : هم الإلهيون ، وهم أعلى الطوائف الذين لا مقام لهم ، وذلك لأن المقامات حاكمة على من كان فيها ، وهم من لهم الحكم لا من يحكم عليهم  .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي  :
« لا يقال في أحد من أهل هذه الطريقة ، أنه محمدي إلا لشخصين :
إما شخص اختص بميراث علم من حكم لم يكن في شرع قبله ، فيقال فيه محمدي .
وأما شخص جمع المقامات ، ثم خرج عنها ( لا منها ) إلى لا مقام ، كأبي يزيد 
وأمثاله ، فهذا أيضاً يقال فيه محمدي ، وما عدا هذين الشخصين ، فينسب إلى نبي من الأنبياء ، ولهذه ورد في الخبر : ( إن العلماء ورثة الأنبياء ) ، ولم يقل : ورثة نبي 
خاص ، والمخاطب بهذا علماء هذه الأمة ، وقد ورد أيضاً بهذا اللفظ قوله e : ( علماء هذه الأمة أنبياء سائر الأمم ) ، وفي رواية : ( كأنبياء بني إسرائيل ) ».

ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي   :
« يتميز المحمدي : بأنه لا مقام له بتعين ، فمقامه أن لا مقام ، ومعنى ذلك ما نبينه : وهو أن الإنسان قد تغلب عليه حالته فلا يعرف إلا بها ، فينسب إليها ، ويتعين بها ، والمحمدي نسبة المقامات إليه نسبة الأسماء إلى الله تعالى ، فلا يتعين في مقام ينسب إليه ، بل هو في كل نفس وفي كل زمان وفي كل حال بصورة ما يقتضيه ذلك النفس أو الزمان أو الحال ، فلا يستمر تقيده ، فإن الأحكام الإلهية تختلف في كل زمان فيختلف باختلافها ، فإنه U كل يوم هو في شأن ، فكذلك المحمدي ، وهو قوله تعالى : ( إِنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ )ولم يقل عقل فيقيده ، والقلب ما سمي إلا بتقلبه في الأحوال والأمور دائماً مع الأنفاس » .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي  :
« الولي الكامل يدعو الله بكل مقام ولسان ، والرسل تقف عند ما أوحي به إليها وهم كثيرون وقد يوحى إلى بعضهم ما لا يوحى إلى غيره ، والمحمدي يجمع بمرتبته جميع ما تفرق في الرسل من الدعاء به ، فهو مطلق الدعاء بكل لسان ، لأنه مأمور بالإيمان بالرسل وبما أنزل إليهم . فما وقف الولي المحمدي مع وحي خاص إلا في الحكم بالحلال والحرام ، وأما في الدعاء ، وما سكت عنه ، ولم ينـزل فيه شيء في شرع سيّدنا محمد eيؤذن بتركه ، فلا يتركه إذا نزل به وحي على نبي من الأنبياء (عليهم السلام) رسولا كان أو غير رسول » .
المحمدي الجامع : هو من ورث سيّدنا محمد e في جمعيته لجميع مشارب الأنبياء 
والمرسلين ، ولم تفته إلا درجة النبوة ، لكونها غير مكتسبة . وجاء من هؤلاء كثيرون من الأمة  .

المحمدي الفرد : هو من تحقق في الجمع بين مشارب مقامات الأنبياء ، فهو الذي من كل الموارد شارب غائب بمولاه حاضر .
المحمدي الكامل : من يكون في مقام شهود أفعال الله تعالى ، وشهود صفاته ، وشهود ذات الله تعالى ، ولا يقف معها ، ويتنقل فيها ، ويتقلب معها أبداً على اختلاف الحضرات والتجليات ، وليس له مقام مخصوص  .
ويقول الشيخ معروف النودهي قدس الله سره :
يقول : « المحمدي الكامل : هو الجامع بين التصرفين الصوري والمعنوي » .
وسئل الشيخ أحمد عز الدين الصياد الرفاعي قدس الله سره : :
بأي علامة نعرف المحمدي الكامل ؟
فقال : « بعلامتين : التحقق بأثر النبي e وحسن اتباعه ، والتمكن بحال النبي e وبشأنه وبشأن أتباعه .
قلت : الأولى ظاهرة ، فما المقصود من العلامة الثانية ؟
فقال : يتمكن المحمدي من الحال النبوي بشأنه ، فلا يؤم منازل الشطح والإدلال والتجاوز انطماساً عن كل ذلك وظهوراً بالحال المبارك المحمدي ، فلا يعلو ولا يغلو ولا يقول إلا الحق ، ويكون كاتماً للأسرار بائحاً بما يوجب الاعتبار ، غائباً عن الأغيار حاضراً مع الأذكار ، كاسياً ببرود الذل لله والانكسار ، خائفاً من الله آناء الليل وأطراف النهار بين طريقي الرجاء والخوف ، منيباً لربه مقبلاً عليه تعالى بلسانه وقلبه ، أكله ما حضر ، ولباسه ما ستر ، وهو من مكر ربه على حذر . إن قام ذكر ، وإن قعد ذكر ، راضياً عن الله في السفر والحضر ، والأمن والخطر ، غيوراً لله ، ولأوامر الله ، ولرسول الله e ، ولسنة رسول اللهe ، ولكل ما يؤول إلى الله ، مع الحق لا يعرف في الحق أباً ولا أماً ، ولا خالاً ولا عماً ، قصده ربه ، وشغله حبه ، هذا حال المحمدي بشأن نفسه . وأما بشأن أتباعه ، فيوقفهم بحاله عند حدّ لا يمكنهم بسببه الغلو بصاحبهم – أعني المحمدي – ولا الإفراط والإطراء به ، فيقوم لهم بذل لله عظيم مع انكسار بحت ، وتمسك بالعروة الوثقى » .
يقول : « المحمدي المقام : هو إما شخص اختص بميراث علم من حكم لم يكن في شرع قبله . واما شخص جمع المقامات ، ثم خرج عنها إلى لا مقام »
ويقول : « المحمدي المقام : هو الذي انطوى عنده جميع مقامات الرسل بقدر حظه ونصيبه منها » .


 

تعديل

تعديل

تعديل

تعديل